الجزء الأول من لقاء سودان اليوم مع د. محمد جلال هاشم

د. محمد جلال هاشم يتحدث عن الحرب واثارها الشخصية والعامة وموقفه من طرفي الحرب والنخبة السياسية مستصحباً معه السياق التاريخي للازمة ورؤيته للحل(1 من 3)

مقدمة: دار بداية الحوار حول اصابة الدكتور محمد جلال هاشم في الحرب المشتعلة في الخرطوم قبل ان ينتقل الى جوبا بقذيفة هاون ادت الى بتر قدمه اليمنى والتى وصفها بالطفيفة مقارنة بما حدث من إصابات بالغة وفقد للارواح.

سودان بكرة:

كيف تصف بصورة دقيقة إشكالات الحرب وتأثيرها على المواطنين والخدمات المقدمة لهم بناء على تجربتك من الاصابة وحتى بتر القدم لمن لا يعلمون مدى تأثيرها وإلى اي مدى تفاقم الوضع؟

د.محمد جلال هاشم:

 ظللت أكتب عن الحرب واحذر منها كثيرا الشعب السوداني، ولم احذر الجيش أو الاجهزة الامنية والنظامية؛ لانني كنت اعلم انه عندما تشنها هذه المليشيا المجرمة العابرة للقارات فسوف تكون ضد الشعب السوداني وكيان الدولة السودانية، والذين ينظرون لها بانها حرب بين المليشيا والجيش هم يخدمون المليشيا بصورة او باخرى ولا اتهم احد بالخيانة او العمالة، فيمكن ان تكون في غفلة ويمكن ان يكون خطأك عدم رفع وعيك.

هذه الحرب هي بين مليشيا الجنجويد العابرة للحدود التي لا قبيلة ولا اثنية ولا حاضنة اجتماعية لها في السودان او خارجه، اسسها المؤتمر الوطني وزاد من قوتها قيادة الجيش الحالية حتى الان لم تحتل موقعا واحدا للجيش ولكنها فعلت ما تعرفه تماما من انهاء معالم الدولة واحالة الوضع الى فوضى عارمة لا يوجد فيه قانون ولا يوجد فيه حقوق بل تؤخذ الاشياء فيها بالقوة والغلبة والسلاح من المواطنين المدنيين، هذا ما فعلوه في دارفور وفي اي مكان وطئته اقدامهم، وما فعلوه الان وظلننا نحذر منه في الخرطوم واحالوها الى فوضى، وبالتالي الغرض منها تسييل الدولة الوطنية ذات الحدود السياسية المعروفة.

 ينبغي لجماع سلطة الشعب ان تفوض من المستوى القاعدي الى المستوى السياسي فتكون هنالك لتمارس هذه السلطات لتكون دولة مستقلة ذات سيادة بمعنى ان يكون لها حدود جغرافية معترفا بها وهذا ما اقصده بالدولة الوطنية وليس كما ظل يفهم البعض اننى اتحدث عن دولة يهتم الحكام فيها بالمواطن مثلا، بل اقصد الدولة الوطنية المُعرّفة بحدودها كما ظهرت في معاهدة وستفاليا عام 1684.

   هنالك مخطط امبريالي غربي بقيادة امريكا وامبريالي شرقي بقيادة الصين وروسيا لتفكيك الدولة الوطنية لإعادة ترسيم خريطة جديدة، ولهذا اسسوا داعش وبوكو وحرام والان وجدوا الانقاذ من اسسوا لهم مليشيا، لان (الكيزان) لا يؤمنون بالدولة الوطنية بل لديهم نموذج اخر للدولة لن يتحقق ابدا، لماذا؟ لان الدولة كمؤسسات تطورت بالفعل وبالافتراض النظري لو عاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لإعادة بناء دولته لبناهاعلى مفهوم الدولة الوطنية لانه لم يعد الى الوراء في وقته بل بدأ من النقطة التي وجد فيها شكل الحكم، والان لدينا مؤسسة الدولة الوطنية بالمواصفات التي ذكرتها، نظام الانقاذ لديه نموذج من القرن السابق ولكنها عودة مستحيلة.

 وبالتالي نموذج الدولة الحالي التي تستمد سلطاتها من الشعب دون تمييز بينهم على اساس العرق والدين الخ.. وتمارس السيادة في هذه الرقعة والسيادة مستمدة من جماع السلطات المتطورة والمتبلورة ومفوضة من القاعدة وهو ما لا يؤمنون به جعلتهم يصنعون المليشيات ويخدمون بها الاهداف الامبرالية بجهل منهم او بعلم، ثم دفعتهم دفعا لدعم هذه المليشيات وزينوا لهم الامر بحرب اليمن وغيرها، كل هذا عبر الوكلاء الاقليميين، لذلك اقول انه مخطط امبريالي كبير يتحمل ازره الكيزان ثم قيادة الجيش ثم قوى الحرية والتغيرر لانها شرعنت لهؤلاء الجنجويد عبر الوثيقة الدستورية، وذكرتهم فيها في مستوى واحد مع الجيش، ومهدوا لهم الطريق لشن حرب ضد الدولة الوطنية وليس الجيش، هم لا يعرفون كيف يشنون الحرب ضد الجيش، لذلك يحرقون المؤسسات؛ على سبيل المثال مؤسسة مثل البحوث الصناعية بالكدرو وغيره بغرض ازالة الدولة والتنكيل بالشعب وارهابه؛ لذلك انا لا اقبل ان يتكلم اي احد عما حدث من حرب جارية الان في السودان دون ان يبدأ بتوجيه الإدانة المطلقة غير المقيدة للجرائم التي ارتكبتها هذه المليشيا التي تقودها اسرة مشكوك في سودانيتها وغالبية جنودها عابرون للحدود من شذاذ الآفاق، وقلت كثيرا حتى في تسجيلاتي السابقة أنه لا يجب أن ننظر للخلفيات العرقية والاثنية التي جاء منها هؤلاء الناس، هؤلاء بريئون، حتى اذا وقعوا في الفخ الذي نصبته لهم نخبهم لا ينبغي أن يحملوا هذه المسؤولية لان هذه المجموعات من شدة التهميش والهشاشة سريعا ما تنخدع لنخبها الضالة، لذلك الحرب هي عندي حرب بين المليشيات المجرمة والشعب السوداني والدولة السودانية.

الدولة السودانية فيها جيش وبوليس بكل عللهم ومشاكلهم لا يملك الشعب الا ان يستعين به ريثما يتم تجنيد اي سدواني لدحر الجنجويد وظللت اتصل بكل ظابط أعرفه ليمدني بالسلاح واقول انه عندما اضع قدم صناعية اذا اراد لي المولى ذلك والحرب ما زالت مستمرة سأعود للسودان لأدافع عن أرضي وعرضي، هذه هي طبيعة الحرب.

وبالنسبة لي الانسان الضال هو من يقول بان هذه الحرب بين الجيش والجنجويد والجيش هو من صنع الجنجويد وليس للشعب تدخل في ذلك، كيف واذا انا بي جالس مع اسرتي في بيتي واتى شخص بكلب به سعر وادخله المنزل واصبح يعتدي على اصحاب المنزل فأتى صاحبه ليقتله هل سأقول انني يجب ان احاسب صاحبه الان والكلب لا يزال يتجول بالمنزل لأنه أتى به وانتظره ليقتله بنفسه، هل هذا موقف به ذرة من الذكاء؟ ظللت اكتب واتحدث عن الغباء الايدولوجي وهو ماليس له علاقة بالمستوى الذكاء العام، ولكن صاحبه يتبلد فجأة بناء على موقفه، هؤلاء هم من يريدون محاسبة الجيش الان، انا لدي مع الجيش معركة كبيرة وكتبت كتابا صدر في يناير 2019 ناقشت فيه سناريوهات حل وتفكيك الجيش بأمثلة من افريقيا تم فيها حل الجيوش التي ثبت استعصاءها على الاصلاح، لدي مع الجيش معركة لم تبدأ الان ولم تبدأ مع الكيزان بل بدأت من الاستقلال وقبله، لكن ليس الان والمعركة مشتعلة، يريد فيها الكلب الاعتداء على سيده ايضا، افتكر ان هذا سلوك فعلا يعكس مأزق النخب السودانية.

 افتكر ان كلمة النخب اصبحت كالاساءة واختلف تماما مع المفاهيم التي قدمها نعوم تشومسكي وادوارد سعيد عن تعريف المثقف بالنخبوي، النخب دائما تعتمد على الامتيازات، وهي نخب مابعد الاستعمار ونتائج تعاليمه.

سودان بكرة:

  دكتور محمد هذا بالفعل كثير من الحديث الملئ بنقاط النقاش التي يمكن ان نقف عليها لبعض الاستيضاح وشكرا جزيلا على الشرح لطبيعة الحرب في رأيك ولمحاولة تلخيص موقفك باختصار وبالضبط من الحرب والجيش وانه ليس موقفا وليد اللحظة ولديك شواهدك.

هنالك نقطة في البداية ذكرتها بان المليشيا عابرة للحدود وانها ليس لها قبيلة ولا اثنية ولا حاضنة اجتماعية وانك تتفهم ماجعل هذا خيار الكثير منهم وتكلمت عن ان أسرة ال دقلو مشكوك في سودانيتها وان كثيرا من الجنود ايضا عابرين للحدود، سؤالي ان هذه النقطة بهذه الاشكالات وانت احد الذين تحدثوا عن فكرة الافروعموومية وعن هذه الشعوب بروابطها المختلفة وان هذه الحدود التي وضعها الاستعمار ليس لها اسس حقيقة وطبيعية وانسانية ولا يمكن ان يقبل بها هكذا، سؤالي انه أليس هذا نقاش يمكنه ان يميع المسألة برمتها وهل هناك فرق- مع ان معظم جنود الدعم السريع هم بالفعل سودانيين- بالتحدث عن أن بهم جنود عابرين للحدود والاصرار على الشك في جنسيتهم وعلى وجود امتدادات أسرية لهم بحكم طبيعة المنطقة، لذلك اسأل عن مدى أهمية هذه النقطة في نقد الدعم السريع.

د.محمد جلال هاشم:

 أولا ظاهرة مليشيا الجنجويد درست دراسة مستفيضة من عدة جهات بحثية دولية ومحلية وهي ليست بظاهرة لا نعلم عنها شيئأ، فمنذ الاتهامات بارتكاب الابادات أصبح هنالك دراسات حولها، وهناك من يمدون بصلة القربى من العمومة لال دقلو في دارفور قالوا انهم ليسوا سودانيين، قالوها من هم من ابناء الرزيقات، ساترك لكم روابط هذه الفيديوهات او اذهبوا وابحثوا عنها، هذا جانب، لماذا نذكره؟ لأن مؤامرة تجييش هذه المليشيات الجنجويدية القصد منها تسييل الدولة الوطنية وليس من أجل ان يوحدوا الناس كما يقولون بل لإعادة ترسيمها بما أسميته باقامة الدولة المشيخية؛ الدولة الصغيرة التي يقودها شيخ ولا تستطيع الدفاع عن امر نفسها حتى اذا كانت فاحشة الثراء وهذا مخطط امبريالي.

من جانب المجموعات الاثنية التي ينتمي اليها الجنجويد والتي هي امتداد للرزيقات في تشاد ونيجر ومالي، هذه مجموعات سودانية لا نتساهل في سودانيتها وأصولها في السودان واذا ضاق بهم المجال في ارضهم مرحبا بهم في جميع أنحاء البلاد ولكن ليس بالسلاح والقتل، لقد قلت كلاما مسجلا ايضا واضحا، انني انتمي للمجموعة النوبية في اقصى الشمال، ثلثها يعيش في الشق المصري، وانا افتكر اننا جميعا سودانيين، واذا اتى اليوم احد نخب النوبيين في مصر وقبل ان يحمل السلاح لتهديد السودانيين هذا الشخص بالتحديد لن يصبح سودانيا ولو عاش في السودان الف سنة، حتى ولو نجح في تضليل البقية واكتسب سلطة بتحالفه مع السلطة السياسية هنا، لست ضد ان يصبحوا سودانيين ولكن ليس بقطع الحدود بل بأن يمنحوا جنسيات جديد عبر نظام الدولة دون ان يجردوا من جنسياتهم، بل بالعكس نحن دولة بها القليل من السكان مقارنة بمصر واثيوبيا كدول جوار، مرحبا بهم ولكن بعملية “سودنة” وترتيبات واوراق رسمية، ليس هناك ” سودنة” من حيث الهوية فقط

أما من جانب ال”البان افريكانيزم” فهي لا تعني الغاء حدود الدولة الوطنية فهي واقع بل تعني التكامل ، ان نبدأ بالوحدات الصغيرة؛ بالقرن الافريقي وننطلق منه الى شرق افريقيا وبعد ذلك نتمدد، ولي في هذا كتب ومحاورات، فهذا رأيي من اكثر من اربعين عاما، اعلم تماما ما اقوله، وهذا لا يعني انه اذا اتى سوداني وارتكب جرائم ويريد ان ينفذ مخططات ان اقول هذا سوداني لا يحاسب، المجرم لا قبيلة له ولا حاضنة اجتماعية وهؤلاء شذاذ افاق، واذا ذهبت الان وكتبت فقط  كلمة جنجويد في محرك البحث على الانترنت حتى باللغة الانجليزية  ستأتيك دراسات لا نهاية لها عن انهم عابرين للحدود وأصول الكثير منهم من قبائل سودانية ولكنهم لا يمثلون قبائلهم، انا لا افتكر ان حميدتي ومتحدثه المتجول من قناة الى اخرى يمثل المهرية، هؤلاء ابناء شعبي ودمي وانا أحرص عليهم من هؤلاء، ولقد استمعت الى قيادات الرزيقات يتحدثون  عن تهديد الجنجويد لهم ووضعهم في موضع خطر وانهم استقطبوا العديد من ابنائهم وشوهوا سمعتهم ولكني اريد طمأنتهم بانهم لا يستطيعون، المجرم لا قبيلة له، وهؤلاء مجرمون،

 ورأينا اليوم الجريمة النكراء بالتمثيل بجثة والي غرب دارفور عليه رحمة الله، هنالك مواطنين مدنيين من الاطفال والنساء قد تم الزج بهم واخبرتهم النخب بان هذا هو الصواب، لكنني لا الومهم، وعندما تكلمنا عن العدالة الانتقالية، تحدثناعن انه يجب عزل هذه المجموعة الثقافية التي تم التقرير بها من قبل نخبها ونحاسب النخب المجرمة التي تتاجر بأهلها، لقد سمعت حديث من ينتمون للمهرية والرزيقات اثنيا هم لا يتشرفون بهم، هذا انحطاط تقشعر له الابدان ولا يشبه هذا العصر،هذا ارتداد لعصور من الهمجية تجاوزتها البشرية، لذلك اخبرتك انني لا اقبل من اي سوداني ان يتكلم عن هذه الحرب قبل ان يبدأ بتسجيل الادانة المنكرة لجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي ارتكبتها هذه المليشيا.

سودان بكرة:

 شكرا يادكتور، هذا حديث واضح، اذا بدأنا بادانة جرائم الدعم السريع بصورة واضحة، انت تكلمت عن موقفك الواضح من الجيش السوداني وفي كتب ودراسات، هنالك اشخاص لديهم تجربة مع الجيش مشابهة لما يفعل الدعم السريع الان بالرغم من صعوبة التصريح بذلك، الجيش السوداني في مناطق في انحاء السودان ارتكب جرائم ممنهجة في حق المواطنين منذ الاستقلال، البعض لا يشعرون بان هناك فرق كبير بين الجهتين.

د. محمد جلال هاشم:

 اولا هناك فرق كبير بين الاثنين، فرق السماء من الارض، الجيش السوداني من أقدم الجيوش النظامية في افريقيا والشرق الاوسط، يقول الناس ان الجيش أسس منذ مئة عام، منذ تأسيس قوة دفاع السودان عام 1925 بعد ثورة 24 وهذا خطأ، اليوم الجيش السوداني عمره 200 عام بالتمام والكمال منذ تخريج محمد علي باشا لاول كتائب من جيش الرقيق الذي كونه، ولقد تكلمت انه لايفهم الجيش السوداني اذا لم يقرأعن تكوين جيوش المماليك، يأخذون طفلا عمره ثمانية اعوام من القوقاز ويجلبونه لمصر لادخاله مدرسة جندية ويتبرأ من امه وابيه فيما بعد ويدخلهم السجون، حقيقة الجندية تعلو عنده عليهم، كافور الاخشيدي كان يسمى بالاستاذ اي قائد مدرسة تدريب الجندية في عهد المماليك وقد اتى الى جبال النوبة، وجيوش المماليك هي احد اخطر الجيوش لان المماليك حكموا مصر 1200 عام الجيش السوداني تم تدريبه ( جيش الرقيق) على قرار جيوش المماليك وهي اصلا جيوش اندمجت فيها تجربة الجيوش العثمانية ولاحقا ظهرت فيها ظاهرة المليشيات، وكان فيها ما يسمى بالباشبزق وهم جنود غير نظاميين، لذلك تاريخ جيوش المماليك سيعطيك فهم جيد للجيوش السودانية ، جيش الباسنقر بعد ان منع الرق وانصياع محمد علي باشا لذلك قبل ان يتوفى وتسمية الجيش بالجهادية، عندما قامت الثورة المهدية جزء كبير منهم دخل في صراع مع المهدية وبعضهم اتجه الى مصر وعادوا مع كتشنر فيما يعرف بالاورطات السودانية، وهم من دمجوا في الجيش المصري عند قيام الحرب العالمية الاولى عام 1914 وبعد ثورة 24 وعودتهم، قاد بعض من اسرهم الثورة مثل علي عبد اللطيف وعبد الفضيل الماظ وثابت عبدالرحيم وسموه بعد ذلك قوة دفاع السودان ومنذ ذلك التاريخ قرر الانجليز الا يكون الضباط السودانيين من المجوعات الاكثر افرقة بل من الوسط والشمال النيلي المستعرب من كوستي سناروالى وادي حفا من عاشوا في كنف الدولة، وانا في دراستي عن الحرب الاهلية قلت ان التهميش في كل مكان ولا ينبغي ان يحكم في الدولة باساس اثني وجغرافي، وهذه المنطقة بالفعل ايضا مهمشة لماذا لم يحملوا السلاح ؟ لانهم استفادوا من الامتيازات التي منحتها الدولة يخرجون في مظاهرات مدنية لاسقاط النظام ولكن لا يحملون سلاحا ضدها وبالتالي الجيش اخطر من الكيزان واقدم من الدولة السودانية التي تشكلت من بعدالاستقلال ب 185 سنة واقدم من نظام الاخوان المسلمين بحوالي 170 سنة،

 مشكلتنا معه كبيرة وقديمة ومعركتنا معه مستمرة ولكنه ليس مليشيا، يمكن دمج المليشيا ب(الديدي ار) لكن لا يمكن ان تدمج الجيش في الجنجويد، اين سيذهب سلاح الطيران، اين سيذهب سلاح المظلات، والمدرعات وسلاح الاشارة ، هو جيش نظامي،

 وايضا القول بان هذا الجيش يسيطر عليه الكيزان يوضح درجة انهزام النخب (وليس المثقفين) هذه النخب انهزمت امام الكيزان، 70% من الناشطين هربوا من ميدان القتال اي الميدان المدني امام الكيزان وقدموا لجوء في دول اخرى انا لا الومهم على خيارات قائمة على اسس شخصية، ولكني اقول متى تضيع الاوطان ؟ تضيع عندما تحل الأزمة الوطنية على اساس مشكلة شخصية، هذه طريقة النخب، وها هي الخرطوم فرغت الان. وهذا ما جعلنا نصبر وننتظر 25 عام الى ان يولد جيل جديد في 2013 ويخرج باول مظاهرات عارمة ضد الكيزان الذين قلت عن نظامهم انه يعيش خارج عمره من 1991 واشبهه في كتاباتي بعصا سيدنا سليمان واننا نحتاج الى سوسة لتأكل عصا الكيزان لمعرفة وجوده.

 هذا النظام من1995 ليس لديه تنظيم مركزي منذ ان حله الترابي لم تقم لهم قائمة، هم ايضا قالوها في بعض كتابتهم السياسية، وانا اذكر ان صديقي محمد طه محمد احمد عليه رحمة الله عندما دخل السجن وتعذب واتى إلي بعدها في مكتبي في جامعة الخرطوم، حكى لي ما مر به وانه كيف للتنظيم ان يقبل بذلك وانه ليس لديهم تنظيم الان “نحن كاغنام الراعي ندار عبر مؤسسة الدولة وبعصا غليظة هي عصا الدولة وجهازامنه هذا الواقع”، وهؤلاء النخب هزموهم الكيزان شر هزيمة ولم تقم لهم قائمة مرة اخرى ، الان لديهم كوزوفوبيا، واتى جيل جديد عاش في فترتهم ورأى فراغهم وهزمهم، وسلم السلطة وطالب بمدنيتها، فماذا فعل الجنجويد للكيزان بعد عامين ونصف في الحكم للكيزان في الخدمة المدنية والقضائية ؟ الان يشتكون من وجودهم في اي مكان؟ في عامين فصل الكيزان كل من ارادوا فصلهم. لماذا لم تلتزم النخبة بالخط الثوري في الاعتصام  لماذا جلست مع اللجنة الامنية، وما الفرق؟ كان يمككنا الجلوس مع البشير.

ما اريد قوله ان الجيش اخطر من الجنجويد الف مرة ، لكن الان الحقيقة الماثلة للعيان، اشعل الجنجويد الحرب ضد  الشعب السوداني وضد كيان الدولة السودنية، الان الشعب ليس في يديه قوة بخلاف هذا الجيش ليدافع عنه، لقد عشت في حي الشجرة لايام والتي هي تحت سيطرة الجيش لا يوجد نهب عشت في حي الكلاكلة واللاماب وسمعت سكان حي الثورة لم يعتدي الجيش على احد لانه ولأول مرة في تاريخه يخوض الجيش حرب بحكم الضرورة وليس من باب التنكيل بشعبه وينحاز للشعب وصالح الدولة.

ماذا اكتشف الجيش بعد 56؟ ان القوى السياسية ضعيفة وهو قوة منظمة ويملك القوة المادية على الارض فاستلم الدولة حتى الان ويستخدم مؤسسة الدولة كبقرة حلوب، وامتياز خاص به، الان يريدون اخذ الامتياز منه بل يريدون تفكيكه ، اذا افترضنا ان الجيش الان يدافع عن امتيازاته، تظل الحقيقة الباقيةعلى الارض والتي لا يمكن ان ينكرها الا من انكر الشمس وهو انه وجد الشعب والجيش انفسهم في خندق واحد ضد الجنجويد،

 اذا تمشيت اليوم في غابة احمل عصا وهجم علي ينمر ليس لدي غير هذه العصا ادافع بها على نفسي مع ان العصا لا فائدة كبيرة منها ولكنني لن اضع رقبتي للنمر لانه ليس لدي سلاح جيد والان الشعب ليس لديه غير هذا الجيش بعلاته للدفاع عنه هذه حقيقة. والذين هربوا من جحيم الخرطوم فليكونوا شجعان، فليعترفوا بانهم خرجوا من تنكيل الجنجويد، فأين ذهبوا، ذهبوا الى نظامية الدولة بفضل وجود الجيوش هناك وعدم وجود الجنجويد في المكان الذي ذهبوا له، هذا هو الواقع المعاش وللشعب ان يحمل السلاح لدحر الجنجويد ولا وجود لاي صيغة لانهاء الحرب وعودة الجنجويد كقوة سياسية، ومن يحلم بهذا لا يعيش في السودان ولا يبكي على السودان هذا في غيبوبة. لا مجال للجنجويد كلاعبين نعم لايقاف الحرب ولا للجنجويد من يقولها دون الشق الثاني يقولها ناقصة ويفهمها الجنجويد على انها دعم لهم.

نقطتي الاخيرة الذين وقفوا ضد الجيش في هذه المحنة لا الومهم ايضا ، هذا الجيش ارتكب من الاخطاء ماجعل قطاعات كبيرة من الشعب تكرهه، لذلك في مقالاتي الاخيرة ومقالتي التي من جزئين: المراجعة العسكرية والمراجعة المدنية، ذكرت انه على الجيش مراجعة الكثير وان يعلم انه اذا استمر بهذه الطريقة فانه سيحل بقوة الشعب، فلينصاع للشعب اذاكان جيشا للشعب فلا شئ يعلو على ارادة الشعب لانها من ارادة الله ، لا يمكن ان يخرج الملايين في ثورة شعبية وهم على باطل دون ان يجتمعوا ويخططوا مسبقا ما الذي جمعهم ؟ جمعهم ما يعرف بالوعي الجمعي، وهو نيبل وذكي ويخرج من عمق الازمة بعد وصولها لقمتها، وعندما لا يكون هنالك وجود لاي حل، وقد لخص المسألة ب” الثورة ثورة شعب والسلطة سلطة شعب والعسكر للثكنات والجنجويد ينحل”،

 ولكن القوى السياسية لتي تصدت للامر لم يعجبها هذا بدليل ان بعض القيادات الان يقولون انه لا طريقة لحل الجنجويد، الجنجويد تم الصرف عليهم من اموال الشعب لسوداني، وهو يقتل الشعب السودني وينتهك اعراضه ويسرقه وكما قال المثل (ماتربي جنى المرفعين في بيتك، ربي جنى الاسد يبقى ليك وفي) انا انظر لما يحدث هذه الايام واشعر باننا لا نعيش في كوكب واحد وهذه كما سميتها الكوزفوبيا ولا الوم هؤلاء الذين وضعوا خط فاصل نهائي مع الجيش ووصلوا درجة الشماتة فيه، لا الومهم واتفهم هذا ولكن لا استطيع موافقتهم ولا يمكن بعد ان تضع الحرب اوزارها ان اقبل بدكتاتورية عسكرية وانبه من الان الشعب السوداني بانه لدينا معركة وان من وصلنا لهذا هو الجيش، ولم يكن للكيزان فعل ما فعلوه اذا لم يستخدموا الجيش بانقلاب عسكري.

 لذلك اقول للشعب السودداني لا يجب ابدا ان نحيد عن مدنية الدولة دون ان يعني ذلك ان نعود للنخب الفاشلة التي اثبتت فشلها في فترة الانتقال

سودان بكرة:

حسناً، سننهي الحوار مع الدكتور محمد جلال هاشم ونتوقف هنا للجزء الاول على ان نواصل في جزء ثانٍ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *